“بيغاسوس” برنامجُ تجسسٍ إسرائيليٍّ يسببُ أزماتٍ دوليّة.. تعرّفْ عليه
زين اليوسف
كشف تحقيق استقصائي نُشر في عدّة وسائل إعلام عالمية فضيحة برنامج التجسس “بيغاسوس”، الذي طورته شركة NSO Group الإسرائيلية، العالم بأسره، وتمَّ التجسس على أكثر من 50 ألفَ هاتفٍ تعود معظمها لصحفيين، ولكنَّ بعضها يعود أيضاً لساسة ونشطاء حقوقيين ومدراء شركات وآخرين.
ويسمح البرنامج، إذا اخترق الهاتف الذكي، بالوصول إلى الرسائل والصور وجهات الاتصال وحتى الاستماع إلى اتصالات حامله, ويمكن للبرنامج فتحُ الكاميرا وأخذُ صورٍ ومقاطع فيديو.
رؤساء وساسة مستهدفون
ومن بين المستهدفين بالبرنامج ساسةٌ أوروبيون بارزون كرئيس وزراء بلجيكا السابق ورئيس المجلس الأوروبي الحالي، شارل ميشيل, كما تمَّ استهدافُ رقم والده، لويس ميشيل، الذي كان عضواً في البرلمان الأوروبي حتى عام 2019.
الاسم الآخر البارز هو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون, حيث عثر على رقم هاتف يستخدمه منذ عام 2017 من بين الأرقام المستهدفة، حسب صحيفة “لوموند” الفرنسية, كما عثر على أرقام تعود لأحد حرّاسه الشخصين السابقين ورقم وزير الخارجية، جان إيف لودريان، ورئيس الوزراء الأسبق، إدوار فيليب.
وندّدت الحكومة الفرنسية بما وصفته بـ”وقائع صادمة للغاية”, وقال الناطق باسم الحكومة غابريال أتال لإذاعة “فرانس إنفو”، “إنَّها وقائع صادمة للغاية، وإذا ما ثبتت صحتُها، فهي خطيرة للغاية”.
وأضاف “نحن ملتزمون بشدّة بحريّة الصحافة، لذا فمن الخطير جداً أنْ يكون هناك تلاعبٌ وأساليب تهدف إلى تقويض حرية الصحافيين وحريتهم في الاستقصاء والإعلام”.
ويتّهم المغرب بالوقوف خلف استهداف أرقام الساسة الفرنسيين والبلجيكيين, بينما الرباط تنفي مسؤوليتها, ولذا قرَّر المغرب رفعَ دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية في باريس ضدَّ منظّمتي “فوربيدن ستوريز” والعفو الدولية بتهمة التشهير على خلفية اتهامهما الرباط بالتجسس باستخدام برنامج “بيغاسوس”.
ثلث المستهدفين من المكسيك
حوالي 15 ألف رقمٍ من اللائحة المنشورة تعود لأشخاص من المكسيك، من بينهم الرئيس، أندريس مانويل لوبيس أوبرادور، وبعض أفراد أسرته وآخرون من معارفه, ويحمّل زعيم المعارضة السابق الحكومة السابقة المسؤولية.
ووصل أندريس مانويل لوبيس أوبرادور إلى سدّة الرئاسة عام 2018, وكانت المكسيك أول دولة تمتلك برنامج “بيغاسوس” عام 2011.
يمكن كذلك أنَّ يكون لقتل الصحفي المكسيكي علاقة بالتجسس عليه بواسطة البرنامج, اغتيل سيسيليو بينيدا بيرتو بالرصاص عام 2017 بعد أنْ نشر تقارير لسنوات عن الفساد ومافيا المخدّرات.
وتضمُّ القائمة أرقام 26 صحفيّاً مكسيكياً، من بينهم رئيس مكتب صحفية “نيويورك تايمز” في العاصمة المكسيكية ورقم أحد معدّات التقارير في العاصمة لصالح قناة “سي إن إن” الأمريكية.
صحفيون مستهدفون
ويتمُّ الحديث عن استهداف أكثر من 180 صحفيّاً حول العالم، كالمجريين سزابولكس باني وأندراس زابو، اللذين يعملان في Direk36 الاستقصائية والتي ليست قريبة من الحكومة.
من بين من تعرَّض للتجسس إحدى أشهر الصحفيين الاستقصائيين في أذربيجان، خديجة إسماعيلوفا، هذا بالإضافة لعديد كبير من الصحفيين والنشطاء الحقوقيين في البلاد, حيث عُثر في هاتفها على آثار لبرنامج التجسس “بيغاسوس”.
اغتيال خاشقجي وبيغاسوس
يظهر أنَّ لبرنامج التجسس علاقة ما بمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018، حسب منظمة العفو الدولية، التي تقول إن الهاتف النقال لخطيبة خاشقجي التركية خديجة جنكيز تمَّ اختراقه بعد أربعة أيام فقط من مقتله, ويعتقد أنَّ السياسي التركي ياسين أكتاي قد تمَّت مراقبته أيضاً, وكان أكتاي صديقاً لخاشقجي ومستشاراً للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وفي سياق متصل في عام 2019 حاولت الشيخة لطيفة ابنة حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الفرارَ، بيد أنَّ محاولتها باءت بالفشل, لكن زوجة أبيها، الأميرة الأردنية هيا بنت الحسين، نجحت في الفرار عام 2019.
اليوم كشف أنَّ رقمي هاتفي لطيفة وهيا خضعا للتجسس بالبرنامج أيضاً,وكان رقم لطيفة خاضعاً للتجسس سنة على الأقل قبل محاولة هروبها الفاشلة.
الهند ورواندا
أكثر من 1000 رقم كانت من الهند, قد اتَّهم حزب المؤتمر الهندي المعارض رئيس الوزراء، ناريندا موري، بالخيانة، لأنَّه عرَّض الأمن الوطني للخطر بالتجسس على أرقام مواطنين هنود، حسب المؤتمر الوطني.
وقد يكون الزعيم المنفي المقيم في الهند، دالي لاما، قد تعرّض هو الآخر للتجسس, الزعيم الروحي للتيبت، البالغ من العمر 86 عاماً، ليس لديه هاتف جوال، بيد أن أرقام هواتف مقرّبين منه وجدت في القائمة.
وعلى الأرجح تجسّست راوندا على المعارضة وعلى هاتف رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا, وبشكلٍ عام يعتقد أنَّ راوندا تجسّست على ما يقارب 3500 هاتفٍ جوّال.
طالب فرع رئيس منظمة “مراسلون بلا حدود” في ألمانيا، كريستيان مير، وبشكل عاجل بتشريعات دولية صارمة ضدَّ انتشار البرمجيات الخبيثة: “يجب منعُ تصدير تلك التقنيات للدول الاستبدادية ومعاقبة المخالفين, معتبراً تلك البرمجيات التجسسية تعرّض حرية الصحافة للخطر وفي أسوأ الأحوال حياة الناس أيضاً”.
وبالمثل طالبت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، الخميس بتشريعات دولية أكثرَ صرامة للمتاجرين ببرامج التجسس، مؤكّدة على ضرورة ألا تقعَ تلك البرمجيات في “الأيدي الخطأ”.
من جانبها، أعلنت إسرائيل عن تشكيل لجنة للتحقيق في فضيحة التجسّس, وسيترأس اللجنة مجلس الأمن القومي المرتبط مباشرة برئيس الوزراء نفتالي بينت.