حمص

اعداد وتحرير: نور شيحان

حمص هي ثالث أكبر مدن البلاد، بعد دمشق وحلب، تقع على الضفة الشرقية لنهر العاصي، أسسها السلوقيون في القرن الرابع قبل الميلاد، واختيرت قلعة الحصن، فيها كواحدة من مواقع التراث العالمي.

أقدم الأسماء المعروفة لحمص هي «إيميسا» باليونانية يعني «إله الشمس»، مصادر أخرى تذكر أن أصل اسم «إيميسا» هو اسم آرامي مركب من مقطعين «حامات-صوبا»، «حامات» تعني «الحصن» وتدل على قلعة حمص، بينما «صوبا» فتعني «محلة».

 أقدم معلومات عن الحضارة في حمص تعود لعام 2300 قبل الميلاد، وفي عام 1274 قبل الميلاد حاولت القوّات المصرية خلال فترة حكم الفرعون رمسيس الثاني إدخال بلاد الشام تحت سيطرته فوقعت معركة قادش.

لا تزال الآثار المعمارية الرومانية والإغريقية ماثلة بما فيها المخطط الأصلي للمدينة، ويعرف من حمص أيضا الفيلسوف الحمصي لونجينوس مستشار الملكة زنوبيا والطبيب والقديس مار إليان الحمصي.

حمص من الفتح وحتى العصر العباسي الأول

في عام 637 أن هزم جيش عمر بن الخطاب الإمبراطور هرقل في معركة اليرموك، واضطر هرقل للانسحاب من المدينة التي اتخذها مركزًا له خلال قيادته العمليات العسكرية في بلاد الشام. واتفق الجيش الراشدي بقيادة خالد بن الوليد على دخول المدينة سلمًا ومنح الأمان لسكانها، وفي التنظيمات الإدارية اللاحقة أنشأ الخليفة عمر بن الخطاب «جند حمص» الذي اعتبر إقليمًا داخل ولاية الشام، وقد امتدت حدود جند حمص من تدمر شرقًا حتى طرطوس وجبلة واللاذقية غربًا وما بين هذه الأراضي بما في ذلك مدن هامة كحماة.

التاريخ الحديث

في بدايات القرن العشرين 1920 كانت حمص تابعة لدولة دمشق، وفي العام 1925 م، كانت حمص ثالث محطات الثورة السورية الكبرى بعد السويداء ودمشق ضد الانتداب الفرنسي على سوريا في عام1959 م، تم بناء مصفاة لتكرير النفط في حمص، لتغطية استهلاك سوريا المحلي.

في الثورة السورية 2011م

حمص هي ثاني مدينة بعد درعا تنضم إلى الثورة السورية 2011م، مطالبة بإسقاط (نظام) الأسد، كما أعلن المتظاهرون عن اعتصام في 18 أبريل 2011 م، في ساحة الساعة التي أطلق عليها متظاهرون اسم «ساحة الحرية»، ومن الأسماء التي لمعت في قيادة تظاهرات حمص حارس نادي الكرامة الشاب عبد الباسط ساورت وهادي الجندي الذي قتل في يوليو 2011، كما أن عدد من أبرز المعارضين السوريين هم من حمص ومنهم برهان غليون وسهير الأتاسي، هذا ما دفع الكثيرين لتسمية حمص «عاصمة الثورة السوريّة»

وفيها ارتكبت مجازر على يد ميلشيات طائفية كان منها مجزرة كرم الزيتون في 12 آذار، وفي حيي العدوية والرفاعي.

حمص القديمة

 تتشكل من أحياء باب تدمر وباب الدريب وباب هود ومحيط القلعة، شمال المدينة يقع «حي الحميدية» الذي ارتبط تاريخيًا وحتى الآن بكون أغلب قاطنيه من مسيحيي سوريا، وفيه العديد من المنازل المبنية من الحجر الأسود وتعود للعصر المملوكي، إلى الشمال من المدينة القديمة أيضًا يقع حي الخالدية والذي يطوق تخوم المدينة الشمالية كسوار، في حين تقع الأحياء الأكثر حداثة مثل الزهراء وجب جندلي إلى الشرق من المدينة القديمة. ونحو الجنوب هناك أحياء باب السباع، والمرجة، والنزهة، وحي عكرمة بشقيه القديم والحديث؛ وأبعد منهما كرم الزيتون والمناطق المحيطة به وتدعى كرم اللوز. يقع نحو الشرق من هذا الأخير، أكبر المراكز التجارية في المدينة، أما من ناحية الغرب فتنتشر أحياء القصور، وشارع المحطة والغوطة، والإنشاءات، والتوزيع الإجباري، والحمراء ثم الضاحية التي يفصلها عن المدينة حزام من المناطق الزراعية والبساتين إضافة إلى نهر العاصي الذي يشكل حزام أخضر دون أي آثار للعمران البشري،

المتاحف ودور الثقافة

المتحف الوطني يعود لحقبة الانتداب الفرنسي على سوريا، فيه قطع أثرية يرقى بعضها للعصر الحجري، كما يحوي لوحات من فسيفساء تمثل نهر العاصي وهيكل إله الشمس، كذلك يحوي المتحف على مدفن ملكي بكامل محتوياته قدمت قطع منها كهدية من الفراعنة في مصر إلى السلالة الحمصية المالكة فيها، وحمص مثل روما تحوي تحت أرض على سراديب أغلبها مدافن محفورة في جوف الأرض،

المتحف الثاني مسمى «متحف الفو لوكور الشعبي» وهو عبارة عن قصر (قصر الزهراوي) يعود إلى الحقبة المملوكية خلال حكم الظاهر بيبرس وتتبع له حديقة كبيرة تحوي مدفعًا وقذيفة ترقى للقرن الثالث عشر ونحت نافر لأسدين وهما رمز السلطان بيبرس.

المطبخ

المطبخ الحمصي بشكل عام يتميز ببعض أنواع من المأكولات الخاصة مثل بابا غنوج المصنوع من الباذنجان الكبير المشوي والمهروس، ويُسمّى في حمص «باطِرْشْ» وتعتبر الكبة إحدى أشهر الأطعمة التراثية في حمص، هناك أيضًا محشي البطاطا، ومحشي الجزر التي يحشى عادة باللحوم والأرز إلى جانب الصنوبر ودبس الرمان. هناك أيضًا البامية والبامية بزيت الزيتون وفي الحلويات المغطوطة التي تصنع من الخبز التنوري والحليب والسكر ويتم عمل هذه الأكلة في الصباح الباكر فقط وقد اشتهر بها الجلبجي المعروف في مدينة حمص.

النكتة الحمصية

حمص لعبت دورًا مميزًا في حرب النكتة وإرساء الضحك الشعبي، تعود للعصر الأموي أو العباسي وارتبطت بأشكالها الأولى بالروايات الشعبيّة ذات الطابع الفكاهي، وبحسب الباحث الحمصي جورج كدر في كتابه (أدب النكتة: بحث في جذور تاريخ النكتة الحمصية): فإنه عندما اجتاح تيمورلنك بلاد الشام كانت المدينة الوحيدة التي سلمت من أذاه هي حمص، لأن سكانها تظاهروا بالجنون في الشوارع، وعلقوا على رؤوسهم القباقيب، وأخذوا يقرعون على الصحون النحاسية، وأشاعوا أن مياه العاصي تصيب كل من يشربها بالجنون، وهذا ما جعل الجيش الذي يرافق تيمورلنك يمر مرورًا سريعًا في حمص، وقد حدث ذلك يوم الأربعاء فاعتبر هذا اليوم هو «عيد الحماصنة» وبعبارة أخرى: عيد الجنون الحمصي الذي تروى عنه النكات.

أعلام من حمص:

ديك الجن: شاعر من العصر العباسي.

هاشم الأتاسي: رئيس سوريا سابقًا لفترتين، وأبو الدستور السوري السابق.

رياض الترك : شيوعي سوري، ويعتبر أحد أبرز مؤسسي المعارضة السورية.

برهان غليون: رئيس قسم الدراسات الشرقية في جامعة السوربون، ورئيس المجلس الوطني السوري المعارض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى