روايةُ مدينةِ سرمينَ بينَ الماضي والحاضرِ
تحرير: رغد سرميني
هي إحدى المُدن السورية، الواقعة في محافظة إدلب شمالَ سوريا، وتتبعها إدارياً، وتبعد سرمين عن مدينة إدلب حوالي سبعة كيلومترات من جهة الشرق، فيما تبعدُ عن مدينة حلب حوالي خمسين كيلومتراً، معظم أبنائها من حملة الشهادات الجامعية المُتعدّدة، وتُعرف المدينة بزراعة التين والزيتون، بالإضافة إلى زراعة الحبوب كالقمح والشعير.
تُعدُّ سرمين من أقدمِ المناطق في إدلبَ، حيث تمَّ ذكر مدينة سرمين في رقيمات مدينة إيبلا الأثرية، التي تعود إلى الألف الثاني قبلَ الميلاد، كما وردَ ذكرُها في كتاب معجم البلدان لياقوت الحموي، وبسبب تمتع المدينة بموقعٍ استراتيجي وسطَ إدلب، فقد كانت ممرّاً للقوافل التجارية وقوافل الحجيج قديماً، وقد استولى الفرنجة عليها عام 476هـ، وتمَّ فتحها على يد ابن صلاح الدين الأيوبي بعد حصارها وإجبار الفرنجة على التنازل عنها، وفتحها عام 514 هـ، فيما ذكرت مصادر أُخرى أنّ مَن فتحها مِن قبل، هو أبو عبيدة عامر بن الجراح عام 17هـ.
ذكرها المؤلف “ابن العديم” في كتابه “بُغية الطلب في تاريخ حلب” بقوله: هي مدينة بطرف جبل السمّاق كبيرة العمل واسعة الرستاق، ولها مسجد جامع وأسواق، وكان لها سور من الحجر خُرِبَ في زماننا هذا ودثِر، وبها مساجد كثيرة داثرة كانت معمورة بالحجر النحيت عمارة فاخرة، قيل إنَّ بها ثلاثمائة وستين مسجداً، واليوم ليس بها الآن مسجد يُصلى فيه إلا المسجد الجامع، وأكثرها الآن إسماعيلية ولهم بها دار دعوة، وكان يسكن بها الحسن بن عجل المعروف بالصوفي الذي ينتسب إليه بنو الصوفي رؤساء دمشق.
معالم سرمين الأثرية
تضمُ سرمين حمّامات أثرية يعود تاريخها إلى العهد الروماني مثل “حمام الدرج” و”حمام المالحة”، إضافةً إلى “المسجد الكببر” بسطحه المقبّب، والمئذنة المربعة المبنية على الطراز المعماري الأموي، بُني المسجد على أنقاض كنيسة كانت معبداً وثنيّاً.
وتحوي المدينة سوقاً قديماً مسقوفاً وطرقاً معبّدة بالحجارة، إضافةً إلى الكهوف المحفورة في الصخر، وكان للمدينة قناة تاريخية لنقل الماء إلى الصهاريج “الخزانات الرومانية” من جبل أريحا وفق مبدأ الأواني المستطرقة، فعندما يمتلئ الأول ينتقل الماء إلى الثاني فالثالث حتى تمتلئ جميعُها.
سرمين في زمن الثورة

شاركت سرمين مع بدء الثورة السورية في مظاهرات حاشدة بعشرات الآلاف في نيسان 2011، طالبت بإسقاط (نظام الأسد)، ما دعى قوات الأسد لاقتحامها في شهر تشرين الأول، بالدبابات والمدرّعات، تلاها سلسلة اقتحامات همجية أسفرت عن استشهاد مدنيين من خلال حرقهم أو تعذيبهم حتى الموت.
واتبعت (قوات الأسد) والميليشيات المساندة له في مدينة سرمين، سياسة “الأرض المحروقة” كسائر المدن المعارضة له، حيث حرقت وقصفت مئاتِ المنازل، بعد حملات اعتقالات عشوائية طالت العديد من الشبّان لم تردّ أخبارهم إلى الآن.
تحرّرت مدينة سرمين من (قوات الأسد) بعد معارك شرسة خاضها الثوار من خلال زراعة أطراف المدينة بالألغام لتصبحَ مقبرة لقوات الأسد وميليشياته في آذار 2012، واستخدم نظام الأسد كافة أنواع الأسلحة والغارات الجويّة على مدار السنوات الماضية، إضافةً إلى قصف المدينة بالغاز الكلور السام، أسفرَ عن اختناق عائلةٍ كاملة بينهم ثلاثة أطفال.

وقدّمت المدينة أكثرَ من 500 شهيدٍ من بينهم 300 رجلٍ مدنيّ و35 امرأةً و56 طفلاً، إضافة 105 شهداء عسكريين، فيما سُجّل عددُ الأيتام الكلّي في المدينة حوالي 986 يتيماً، بحسب إحصائية “مكتب الشهداء” بمدينة سرمين.