شلل تام بمراكز العزل الصحي لكوفيد 19 في الشمال السوري المحرر
ليث العلي
تعاني المناطق المحررة من خطر انتشار وباء كورنا بشكل كبير مما ينبئ بوقوع كارثة صحية نتيجة ارتفاع أعداد الوفيات والإصابات بشكل كبير، يرافقه عجز كبير في مراكز العزل الصحي وغرف العناية الخاصة بكورونا من استيعاب الحالات الحرجة نتيجة انفجار كوفيد-19 في مناطق الشمال السوري.
وتشهد المنطقة الموجة الثالثة لا انتشار فايروس كورونا، في ظل عدم الالتزام بإجراءات الوقاية المجتمعية من ارتداء كمامة وقيام التجمعات والازدحام في الأعراس والمقاهي والأسواق، بالإضافة إلى تدني أعداد الذين تلقوا اللقاح.
التحاليل الإيجابية 55 % من نسبة المسوحات بكوفيد 19
الدكتور “حسام قره محمد” مسؤول ملف كورونا في إدلب، يقول: في تصريح خاص لـ “جريدة شامنا” تعاني غرف العناية من ضغط كبير عليها وهي ممتلئة منذ بداية شهر أيلول الماضي ولا يوجد أسرة شاغرة، فالمريض المصاب بكورونا ينتظر مريض آخر ليموت أو يشفى حتى يدخل بدلاً عنه إلى العناية، كما أنَّ حالات الشفاء في مراكز العزل الصحي تُعتبر حالات متوسطة، والوضع سيء جداً والمنطقة بحاجة إلى منافس مع ازدياد أعداد الإصابات بكورونا.
وأضاف قره محمد أنَّ نسبة التحاليل الإيجابية أكثر من 55%، وهذا رقم كبير كما يوجد الكثير من الإصابات التي لم تكشف لعدم إجراء مسحات وأعمار الذين تضرروا بفايروس كورونا أصبحت فوق 30 سنة وتم تسجيل وفيات بهذه الأعمار والحاجة إلى منافس وعناية.
الوضع أصبح في زيادة تراكمية، ومسار الإصابات والوفيات بازدياد
وفي السياق ذاته يؤكد “محمد الحسين” من إدارة مشفى الحرية في مدينة مارع شمالي حلب لـ “جريدة شامنا” بأن الوضع أصبح في زيادة تراكمية، ومسار الإصابات والوفيات بازدياد، وخصوصا متحور دلتا أعراضه تصل إلى فقدان ذاكرة مؤقت، بالإضافة إلى أن سرعة انتشاره باتت أكبر حتى أصبحت الأسرة والمنافس غير متوفرة بشكل كافي، وفرصة المريض أن يحصل على سرير في مراكز العزل باتت قليلة.
وأشار الحسين أن سبب ارتفاع إصابات فيروس كورنا أن مناطق النزاعات والحروب دائماً تشهد انخفاضا في مستوى الخدمات الصحية، وفي الشمال السوري أصبح هناك عجزا كبيرا في تقديم الخدمات الطبية خاصةً في ظل الكثافة السكانية الموجودة ووجود المخيمات العشوائية، بالإضافة إلى قلة وعي المدنيين والاحتكاك الدائم بينهم، متمنياً أن تقوم فرق مختصة بالتوعية المجتمعية لتوعية المدنيين لطريقة انتقال الفايروس واتباع التدابير الوقائية.
ونوه الحسين” إلى إنَّ لقاح فايروس كورونا متوفر في الشمال السوري المحرر ولكن بمراكز قليلة، مشيراً إلى أنَّه سيتم إنشاء مراكز جوالة من قبل مديرية صحة حلب الحرة بالتعاون مع فريق لقاح سوريا الذين يقومون بتدريب وتسيير فرق اللقاح، داعياً كافة المدنيين الذين تسمح لهم أخذ اللقاح ألا يستهتروا بهذا الأمر، كما أنَّه من النادر وجود مريض كورونا في المشافي ومراكز العزل أو في المنافس وقد أخذ جرعة من اللقاح.
ومن جانبه قال الدكتور محمد حجازي” مشرف برنامج اللقاح في منطقة “اعزاز” لـ” جريدةِ شامنا” إن الأسرة والمنافس شبه معدومة، والمشافي بشكل عام تعمل بالدرجة القصوى حيث تم إنشاء عدة مراكز عزل ومراكز عناية، لكن كلها تعمل بالطاقة القصوى، وبات الحصول على سرير في الوقت الحالي في مشفى أو عناية هو حلم، فالمرضى ينتظرون في الإسعاف منذ الصباح للمساء حتى يموت أحد المرضى في العناية، ويتم إجراء تقييم جديد حتى نجد المريض الأكثر خطورة ليتم نقله إلى العناية، ويأتي أناس مصابين بفايروس كورونا من إدلب إلى عفرين ثم إلى اعزاز ولم يجدوا مكان لهم في مراكز العزل الصحي أو منفسة، ومن الممكن إذا ساءت الأمور أكثر فسنرى الناس يموتون على أبواب المشافي.
وأوضح حجازي أن متحور دلتا هو عبارة عن متحور جديد لكوفيد19 الذي يحمل صفات جديدة وهو شديد الانتشار أكثر من المتحورات السابقة، كما أنه يصيب الفئات العمرية الأصغر ويسبب ارتفاع في الحرارة وقصور تنفسي، بالإضافة إلى تعب عام وألم في المفاصل وأنَّ التعامل معه هو نفسه التعامل مع مرضى كوفيد-19 باختلاف الجرعات، والبروتوكول العلاجي هو نفسه.
وأشار حجازي” إن الأطفال معرضين للإصابة بمتحور دلتا كما أنهم معرضين لحدوث أعراض تتراوح بين الرشح الخفيف وارتفاع حرارة بسيطة حتى إمكانية الدخول إلى المشفى والعناية وحدوث تثبيط تنفسي، وقد يؤدي إلى الوفاة حيث سجلت حالات وفيات للأطفال وخاصةً الأطفال الذين يعانون من أمراض مزمنة كالربو وأمراض القلب.
ودعا حجازي “المواطنين إلى ضرورة تلقي اللقاح ضد فايروس كوفيد-19 وهو متوفر في الشمال لكل الراغبين بتلقيه لأعمار فوق 18 عاماً، وضمن فترات عمرية محددة، وهو مجاني بشكل كامل وأعراضه الجانبية خفيفة جداً تكاد لا تذكر، ومن الممكن أن يصيب المريض ارتفاع حرارة بسيط مع تعب عضلي بسيط، كما أنَّ اللقاح سيوفر حماية من الفايروس نفسه وحماية من حدوث مضاعفات شديدة للفايروس مثل الحاجة إلى دخول المشفى أو العناية التي باتت غير متوفرة.
وبين حجازي أن نسبة متلقي اللقاح بجرعة واحدة من السكان في الشمال السوري لا تتعدى 2.5% فقط من تعداد السكان، ولا تتعدى نسبة الذين تلقوا جرعتين لقاح 0.5%، ويوجد تقصير كبير من الأهالي بموضوع اللقاح، بالإضافة إلى تقصير بالالتزام بالإجراءات الوقائية من الكوفيد.
انتشار فايروس كورونا في المخيمات
شهدت المخيمات في الشمال السوري انتشارا كبيرا لفيروس كورنا في ظل تراجع الدعم الصحي والإجراءات الوقائية والاحترازية نتيجة الوضع السكاني للمخيمات، يقول جاسم الخيري مدير مخيم القورية في جرابلس لـ”جريدة شامنا” إنَّه تم تسجيل وفاة شخصين وإصابة أكثر من 10 أشخاص بفايروس كورونا في المخيم الذي يعاني من غياب الدعم الصحي، مطالباً بوجود فرق توعوية لتوعية الأهالي لخطورة الفايروس وطرق الوقاية منه.
ومن جانبه قال باسل الحسين مدير مخيم عطاء بريف جرابلس أنه أصيب 30 شخصا بفايروس كورونا وسط غياب دعم المنظمات الطبية، بالإضافة إلى عدم إمكانية شراء وسائل الوقاية من قبل الأهالي نتيجة الوضع المعيشي الصعب.
في لسياق ذاته محمد الأحمد مدير مخيم الجمعية جنوبي جرابلس، يقول: إن فايروس كورونا بدأ بالانتشار في كامل المخيمات وسط غياب تطبيق إجراءات السلامة، والحاجة الملحة لتوفير نقطة طبية لعلاج المصابين.
وبدروه إبراهيم عسكر مدير مخيم الجبل يؤكد وجود إصابات بفايروس كورونا في مخيمات الشمال السوري والأمر ويقول إن: يعود إلى غياب الرعاية الصحية وعدم تطبيق إجراءات السلامة من قبل الأهالي.
انتشار كورونا في جرابلس
وقال محمد بشير” معاون مدير صحة جرابلس لـ “جريدة شامنا” إن مدينة جرابلس سجلت منذ منتصف شهر آب ارتفاعاً ملحوظاً في إصابات كورونا، تزامناً مع انتشار متحور دلتا في المنطقة التي تعاني نقصاً في الرعايةِ الطبية.
وأضاف بشير: إنه خلال الفترة الماضية كانت تسجل يوميا 25 إلى50 إصابة في المدينة، لكن منذ منتصف شهر آب بدأت الإصابات بارتفاع ملحوظ حتى بلغت في العاشر من شهر أيلول أكثر من 400 إصابة وترافق ذلك مع ازدياد في أعداد الوفيات.
وأوضح “بشير” إلى أن هذه الفترة تشهد موجة عنيفة في إصابات كورونا، ومنذ الأسبوع الأخير في شهر آب كانت 90% من الإصابات من متحور دلتا، وذلك بعد مضي أسبوعين على بدء زيارات العيد من تركيا وافتتاح المعابر.
وأكد بشير أن أسرة مشفى جرابلس امتلأت بالكامل، وقد تم تسجيل 25400 إصابة بينها 184 وفاة، وبدأ الانهيار الصحي ومرحلة العجز، فالمشافي غير قادرة على استقبال أعداد أكثر مع حاجة ملحة إلى الأوكسجين لأن أجهزة الأوكسجين تعرضت للأعطال نتيجة الاستخدام المتكرر بعد ارتفاع ملحوظ في إصابات الأطفال بكوفيد19.